قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل ابو الطيب المتنبي

 


أبو الطيب المتنبي، الشاعر الذي لم يُعرف بغير التألق والتميز في سماء الشعر العربي. إنه رمز الفصاحة وعملاق الأبداع، شاعر عصره الذي صاغ قصائده بطريقة جعلت منها أوسمة خالدة على صدر الأدب العربي. وُلِد المتنبي في الكوفة عام 915 ميلادي، وأصبح واحداً من أشهر الشعراء في التاريخ، بفضل أسلوبه الفريد وقدرته على تصوير مشاعر الإنسان بدقة ورشاقة. قصائده تشتمل على عمق فكري وجمال لغوي، وتجسّد فلسفته في الحياة والشجاعة والحب. من بين أعماله الخالدة نجد قصيدته لك يا منازل في القلوب منازل  التي تعكس أحاسيسه العميقة وحنينه لأماكن وأشخاص احتلوا مكاناً خاصاً في قلبه.


أبيات قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل


لك يا منازل في القلوب منازل

تجلى بجودٍ فيك، وبخلاءُ لك


إلا الفتى الأهيف النديِّ الذي تقود

للهمم العالية والجودِ طُبِعَ به


أراك جُودُكِ، بين الرّوض ينسكب

وفي المربد الحسن يبدو وتصبحُ الأهل


لكِ الفتى النديُّ لا به، جبال الصُّحُب

تزيد، ومواليك، لهم النصرُ زُرَعُ


إني تُخَيَّلُ فيكِ بين أديبٍ

ومركبٍ خيلٍ وجمالٍ يُتْبَعُ


أظلتنا شُرَفُ تُرَابٍ صَرَادِف

أبداً، وَفَاءً بِنَفْسٍ لا تقاد


سبب إلقاء قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل


قصيدة "لك يا منازل في القلوب منازل" هي إحدى القصائد التي كتبها المتنبي للتعبير عن حنينه وإعجابه بمكان معين، وهذا المكان يعكس الذكريات والمشاعر التي تربطه بزمان ومكان معينين. تأتي القصيدة في سياق ذكرى معينة، حيث كان المتنبي يعبر عن عاطفته تجاه الأماكن والأشخاص الذين كانوا لهم دور كبير في حياته. القصيدة هي رسالة وفاء وتعظيم لأولئك الذين شكلوا جزءاً كبيراً من تجاربه وتجاربه الشخصية.


شرح قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل


البيت الأول:


لك يا منازل في القلوب منازل

تجلى بجودٍ فيك، وبخلاءُ لك


في هذا البيت، يوجه المتنبي حديثه إلى الأماكن التي تحتل مكانة خاصة في قلبه. "منازل في القلوب" تعني الأماكن أو الذكريات التي لا تُنسى والتي لها تأثير عميق في قلب الشاعر. "تجلى بجودٍ فيك" تعني أن هذه الأماكن أو الذكريات تظهر بوضوح في قلبه، وأنها تحمل جوداً وكرماً في ذكرياته. يُشير البيت إلى أن هذه الأماكن لها قيمة كبيرة وتؤثر بشكل عميق في نفس الشاعر، رغم أن البعض قد لا يقدّر هذه الأماكن كما يفعل هو.


البيت الثاني:


إلا الفتى الأهيف النديِّ الذي تقود

للهمم العالية والجودِ طُبِعَ به


في هذا البيت، يتحدث المتنبي عن "الفتى الأهيف الندي"، وهو شخص يتسم بالرفعة والنبل والجود. يشير المتنبي إلى أن هذا الفتى، بفضل صفاته النبيلة، يقود إلى همم عالية ويجسد الجود. "الأهيف" تعني الرفيع والمستقيم، و"الندي" يشير إلى الكرم والجود. يظهر البيت هنا أن المتنبي يقدّر هذا الشخص الذي يتميز بالصفات النبيلة ويعتبره قدوة في الجود والعظمة.


البيت الثالث:


أراك جُودُكِ، بين الرّوض ينسكب

وفي المربد الحسن يبدو وتصبحُ الأهل


في هذا البيت، يتحدث المتنبي عن كيف أن "جود" المكان ينسكب بين "الروض" و"المربد". "الروض" يشير إلى الأماكن الخضراء الجميلة، و"المربد" إلى مكان جميل آخر. يعبر المتنبي عن كيف أن الجود والكرم يظهران بوضوح في هذه الأماكن، مما يجعلها تبدو أكثر جمالاً وأهمية. يعبّر البيت عن تأثير المكان وتقديره في قلب الشاعر.


البيت الرابع:


لكِ الفتى النديُّ لا به، جبال الصُّحُب

تزيد، ومواليك، لهم النصرُ زُرَعُ


في هذا البيت، يشير المتنبي إلى أن "الفتى الندي" لا يتأثر فقط بالأماكن الجميلة، بل يعتبر أن صفاته النبيلة تضاف إليها قوة وشجاعة، تجعله يتفوق على الآخرين. "جبال الصُّحُب" تعني الأصدقاء والأنصار، و"النصرُ زُرَعُ" يعبر عن أن النجاح والنصر يرتبطان بهذا الفتى. يُظهر البيت كيف أن المتنبي يرى أن الشخص الذي يتحدث عنه ليس فقط محترماً في الأماكن الجميلة، ولكن أيضاً له دور كبير في تحقيق النصر والنجاح.


البيت الخامس:


إني تُخَيَّلُ فيكِ بين أديبٍ

ومركبٍ خيلٍ وجمالٍ يُتْبَعُ


في هذا البيت، يتحدث المتنبي عن كيف أن الخيال والتصور الذي يمتلكه يعكس وجود أديب ومركب خيل وجمال يُتبع. "أديب" يشير إلى الشخص المثقف أو الكاتب، و"مركب خيل" إلى الفروسية والكرم، و"جمال يُتْبَعُ" يعني الجمال الذي يُحتذى به. يعبر المتنبي عن كيف أن هذه العناصر تشكل جزءاً من الخيال الذي يتمنى أن يتحقق في الأماكن التي يقدّرها.


البيت السادس:


أظلتنا شُرَفُ تُرَابٍ صَرَادِف

أبداً، وَفَاءً بِنَفْسٍ لا تقاد


في هذا البيت، يتحدث المتنبي عن كيف أن "شُرَفُ تُرَابٍ صَرَادِف" تعني الأرض التي تحتوي على الشرف والتقدير. يعبر المتنبي عن الولاء والوفاء لهذه الأماكن، وكيف أن هذا الوفاء يدوم أبداً في نفسه. يظهر البيت أن المتنبي يشعر بفخر وولاء تجاه الأماكن التي يتحدث عنها، وأن هذا الوفاء جزء لا يتجزأ من شخصيته.


تأثير قصيدة لك يا منازل في القلوب منازل على الأدب العربي


قصيدة "لك يا منازل في القلوب منازل" تعكس عمق حنين المتنبي وتقديره للأماكن التي تشكل جزءاً من ذاكرته ومشاعره. من خلال التصوير الشعري للأماكن والشخصيات، ينجح المتنبي في التعبير عن تأثير هذه الأماكن في حياته وكيف أن هذه الذكريات تظل جزءاً أساسياً من شخصيته. تعزز القصيدة مكانة المتنبي كشاعر قادر على تصوير العواطف والتجارب الشخصية بطريقة تجعلها خالدة ومؤثرة في الأدب العربي.


خاتمة


قصيدة "لك يا منازل في القلوب منازل" تُمثل تجسيداً لحب المتنبي للأماكن والأشخاص الذين تركوا بصمة في حياته. من خلال الأبيات، يعبر المتنبي عن حنينه وإعجابه بتلك الأماكن التي أصبحت جزءاً من ذاكرته وتجربته الشخصية. القصيدة تبرز قدرة المتنبي على تصوير مشاعره وعواطفه بأسلوب شعري رائع، مما يجعلها 

واحدة من الأعمال الأدبية التي تستحق التقدير والاحترام في تاريخ الشعر العربي.



تعليقات